أكد رئيس الجمهورية نيكوس خريستوذوليذيس أن الاحتلال التركي لأراضي قبرص ليس أمراً حتمياً ولا جداراً منيعاً لا يمكن اختراقه. جاء ذلك في كلمة ألقاها مساء أمس الأحد خلال فعالية رسمية أقيمت في القصر الرئاسي بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين للغزو التركي للجزيرة في عام 1974.
استهل الرئيس كلمته بالتأكيد بأن الانقلاب العسكري الغادر الذي نفذته الطغمة العسكرية الحاكمة في أثينا آنذاك بالتعاون مع عملائها في قبرص، يعد جريمة لا تُغتفر، وأن تركيا استغلت ذلك وكانت ذريعةً لها لتنفيذ مخططاتها التوسعية طويلة الأمد، عبر غزو دموي قسّم الوطن واحتل ثلثه الشمالي، وما زالت آثار هذا الغزو حاضرة بعد أكثر من نصف قرن.
شدد الرئيس خريستوذوليذيس على أن الاحتلال التركي لا يقتصر على الماضي، بل هو جريمة مستمرة تمثلت في قتل وتهجير المدنيين مع بقاء المئات في عداد المفقودين حتى اليوم، حيث أن تركيا مازالت حتى اليوم تمنع الوصول إلى أرشيف القوات التركية بشأن مصير هؤلاء المفقودين، وهو أمر إنساني بحت. إن تركيا تنتهك حقوق الإنسان لجميع المواطنين القبارصة - القبارصة اليونانيون والأتراك الأتراك والأرمن والموارنة واللاتين. كما أنها مازالت تقوم بتغيير الطابع الديمغرافي للجزء المحتل من خلال التوطين غير القانوني، وتقوم بتدمير الإرث الديني والثقافي وتمنع حرية التنقل والإقامة وتضطهد المواطنين القبارصة الذين بقوا محاصرين في المناطق المحتلة.
أكد الرئيس في كلمته أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، واعتداءً على سيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية قبرص، الدولة العضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال أن الجهود الدبلوماسية القبرصية تجد صدى إيجابياً متزايداً على الساحة الدولية، مشيراً إلى التدخلات الهامة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ووزراء خارجية بريطانيا واليونان، وكذلك الدعم العلني من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي والرئيس الفرنسي والسفير الأمريكي. كما ألقى الضوء على عدم اعتراف أي طرف دولي بما يُسمّى "المساواة السيادية" للمناطق المحتلة.
شدد خريستوذوليذيس على أن "قبرص ليست وحدها"، وأن هناك دعماً دولياً واضحاً لإعادة إطلاق مفاوضات الحل الشامل للقضية القبرصية.
أشار الرئيس خريستوذوليذيس إلى أن المحادثات غير الرسمية التي عقدت في نيويورك في تموز/يوليو 2025، والتي ساهمت في كسر الجمود الذي استمر لسبع سنوات، منذ فشل مفاوضات كران مونتانا في عام 2017. كما أعلن أن لقاءاً ثلاثيًا سيعقد خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، بدعوة من الأمين العام.
أبدى رئيس الجمهورية تفاؤله الحذر رغم العراقيل التركية، مؤكداً على ضرورة الاستمرار في دعم مبادرات الأمم المتحدة للوصول إلى حل يضمن وحدة البلاد واستقلالها ضمن الإطار المتفق عليه من قبل المجتمع الدولي.
تحدث الرئيس في رسالته مباشرة إلى المواطنين القبارصة الأتراك، وأكد لهم أن نوايا الحكومة القبرصية تجاههم "صادقة وخالصة".
وقال "جمهورية قبرص هي وطننا المشترك، وفيها يُنظر إلى كل مواطن على أنه متساوٍ في الحقوق والواجبات. إننا نرغب في أن نعيش معاً في سلام".
وأضاف أن الإجراءات الأحادية التي تتخذها الحكومة لدعم القبارصة الأتراك، والمساعدات التي تقدمها لهم، تعكس بوضوح النهج الذي تتبناه الجمهورية تجاه جميع مواطنيها دون تمييز أو إقصاء.
كما تطرق خريستوذوليذيس إلى الحدث المرتقب بتولي قبرص رئاسة الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/يناير 2026، واصفاً ذلك بأنه "تحدٍ وطني كبير" ومؤكداً أن بلاده ستثبت أن الأداء لا يُقاس بحجم الدولة بل بكفاءتها والتزامها الأوروبي.
وجه الرئيس في ختام كلمته تحية إجلال إلى أهالي الجنود الذين سقطوا والمفقودين والسجناء والمتضررين، فضلاً عن أقارب اللاجئين من الجيل الثاني والثالث وأطفال المفقودين والمحاصرين، وقال إن هؤلاء الأشخاص يحملون ذكرى "الآثار المدمرة"، وأن الحكومة ستواصل النضال بكل ما هو ممكن لوضع حد لهذه "الجريمة المستمرة ضد شعبنا، والتي تُهين الضمير الإنساني وتسيء إلى أوروبا والمجتمع الدولي بأسره".
واق MCH/EC/EPH/MMI/2025
نهاية الخبر، وكالة الأنباء القبرصية